-->

إقتصاديات الاعلام المرئي والمسموع

    إقتصاديات الاعلام المرئي والمسموع





    اقتصاديات الإعلام المرئي و المسموع
    الأستاذة : الدكتورة بوزيفي وهيبة
    اقتصاديات الإعلام المرئي والمسموع
    الخطة:
    1 الصناعة التلفزيونية والإذاعية
    2 الخصائص الاقتصادية  للإعلام المرئي و المسموع و أسواقه
    3 مراحل الإنتاج الصناعي في المؤسسة التلفزيونية و الإذاعية
    4 تكاليف الانتاج (  تكاليف دراسة السوق، البرمجة ، شراء البرامج ، تكاليف البث...)
    5 مصادر تمويل المؤسسات التلفزيونية و الاذاعية ( الاشهار و دوره في تمويل  التلفزيون و الإذاعة)


    1.    الصناعة التلفزيونية والإذاعية:
    لقد أصبح كل من التلفزيون والإذاعة صناعة عندما سمح التطور التكنولوجي بإيجاد وسيلة ( أداة ) لقياس المكالمات و المشاهدة الشخصية ووضع أثمان لها بناء عليها وتحميل التكلفة للمستعمل ( المشاهد أو المستمع)، وعليه لم يكن بالإمكان تحولهما إلى صناعة إلا عندما ظهرت جهة لها مصلحة في بث الرسالة ( النظام السياسي أو المعلن ). علما أن صناعة وسائل الإعلام المرئية المسموعة هي امتدادا لنظرية الصناعات الثقافية .
    ويبلغ رأسمال صناعة الإذاعة والتلفزيون بأكثر من 50 مليار دولار تحقق عائدا ماديا يفوق 15 مليار دولار، وتمثل هذه الصناعة قطاعا حيويا، حيث توجد في الولايات المتحدة 1000 محطة تلفزيونية و9000 محطة إذاعية، يبلغ عدد جمهورها (المستهلكين) مئات الملايين من الأشخاص.
     أما في العالم العربي فتشير الإحصاءات الصادرة عن اتحاد إذاعات الدول العربية لعام 2011 عن وجود 1069  قناة تلفزيونية  منها 109 قناة عمومية و 960 قناة خاصة ، بينما لم يكن عددها سنة  2010 سوى 733  قناة و قد و صل هذا العدد عند إعداد التقرير  السنوي للاتحاد لعامي 2012-2013 إلى 1320 قناة ، و في عام 2009 كان يبلغ عدد القنوات العربية بين العامة و الخاصة 696 قناة .
    يجدر بالذكر أن هناك جملة من العوامل أدت إلى ضعف صناعة الإعلام المرئي المسموع في بعض الدول و خاصة العالم الثالث بما فيها الدول العربية نذكر منها ما يلي :
    1 تزايد نشاط قنوات التلفزيون الأجنبية في الفضاء الإعلامي الوطني .
    2 هروب المشاهدين إلى القنوات الأجنبية (تشير الإحصائيات أن 35 % من المشاهدين يواظبون على مشاهدة القنوات الوطنية) أي السوق الأولية سوق المشاهدين.
    3 زيادة حصة المعلنين الأجانب أو حصة الإعلانات للشركات الأجنبية وفروعها السوق الثانوية (سوق المعلنين).
    4 زيادة الاعتماد على البرامج الأجنبية وارتفاع نسبتها في الشبكة البرامجية الخاصة بالقنوات الوطنية (سوق البرامج).
    5 ارتفاع حصة أجهزة استقبال القنوات الأجنبية المستوردة ( سوق الأجهزة).
    6 هجرة الصحفيين والخبرات الوطنية (سوق العمل).
    وقد ترتب عن هذه  الاختلالات في أسواق التلفزيون المختلفة ضعف الأسواق الوطنية في ظل توسع الأسواق الدولية بمفعول عوامل خارجية ذات تأثير أكبر على نشاط وسائل الإعلام المرئية والمسموعة من تأثير العوامل الداخلية المرتبطة بالأسواق الوطنية، سواء تعلق الأمر بالسوق الأولية (سوق المشاهدين ) أو بالسوق الثانوية ( سوق المعلنين ) أو بسوق البرامج أو بسوق الأجهزة أو بسوق الكفاءات – كما أشرنا سابقا – و بالتالي  انهيار مصداقية التلفزيون الوطني وانكماش دوره إلى نوع من القناة المحلية ذات التأثير المحدود و زيادة برامج الألعاب والتسلية والترفيه لجلب المزيد من المشاهدين.
    على صعيد آخر سمح التطور الكبير في تقنية البث من النمط الهرتزي إلى السلكي وعبر الأقمار الصناعية بإحداث تطور عظيم على مستوى النظام الاقتصادي للتلفزيون، ويمكن إبراز مظاهر هذا التطور فيما يلي:
    ü     تطور العلاقة بين المشاهد من جهة والقناة أو المحطة من جهة أخرى، فأصبحت علاقة مباشرة دون تدخل الإشهار، أي سمح هذا التطور للقنوات التلفزيونية بامتلاك سوق نهائية مستقلة عن سوق الإشهار.
    ü     تكاثر العرض: الانتقال من وضع كان فيه عدد المحطات قليلا والبرامج محدودة إلى وضع يتميز بوفرة القنوات العامة والمتخصصة.
    ü     تطبيق التقنيات التسويقية في مجال التلفزيون بظهور قنوات متخصصة تلبي حاجات المشاهدين مباشرة حسب تطلعاتهم و ميولهم، و هذا ما سمح في الحقيقة للمحطات والقنوات التلفزيونية بانتهاج سياسات تسويقية ملائمة تقوم على تكييف عرض برامجها، مع حاجات المشاهدين للحفاظ عليهم في ظل المنافسة الشرسة التي فتحها تطور التكنولوجيا وانفتاح السوق الدولية.
    ü     ظهور تشكيلة من القنوات العمومية التي يدفع فيها المشاهد الإتاوة عن امتلاك الجهاز (لا المشاهدة) والقنوات التجارية المحضة التي يعلن فيها المعلن ثمن المشاهدة للمعلنين الدين يريدون أن يوصل إليهم رسالته الاشهارية أو يشترك فيها المشاهد ثمن البث أو الاشتراك أي الدفع المسبق لثمن البرامج، سواء كان ذلك عبر القنوات الخطية أو بفضل تقنية التشفير (cryptage).
    ü     تعدد أشكال الدفع، حيث انتقل التلفزيون عبر ثلاث حالات: نظام الاحتكار العمومي مع تمويل عمومي صرف، نظام مختلط مع تمويل قائم على الاتاوة و الإشهار، ونظام الدفع المباشر عن طريق الاشتراك أو الدفع عند المشاهدة (Pay –per view )، وهو ما يعتبر تأثيرا مباشرا للتكنولوجيا على النظام الاقتصادي، وهكذا وجد المشاهد نفسه أمام حرية اختيار طرق الدفع واختيار أنواع البرامج و القنوات.
    2.    الخصائص الاقتصادية  للإعلام المرئي و المسموع :
    يتميز الإعلام المرئي والسمعي عن الإعلام المكتوب في العديد من الخصائص نوجزها فيما يلي:
    ü     المنتوج الصحفي المرئي والسمعي هو تدفق مستمر، في حين أن المنتوج الصحفي المكتوب هو محتوى إعلامي وحامل ورقي.
    ü     إن منتوج الصحافة المكتوبة هو منتوج ملموس يباع للقارئ ، بينما فإن منتوج المحطات الإذاعية و التلفزيونية غير ملموس يتم سماعه أو مشاهدته .
    ü     المنتجات المرئية المسموعة كالبرامج مثلا هي ليست مجرد منتجات غير مادية، ولكنها منتجات عمومية أيضا بمعنى قابلة للاستهلاك من طرف عدد غير محدود من المستعملين، شرط أن يكون هؤلاء في مجال استقبال التلفزيون ويتمتعون بتجهيزات الاستقبال الخاصة.
    ü     النشاط الأساسي للمؤسسة الصحفية هو النشر، أما النشاط الأساسي للمحطة التلفزيونية والإذاعية فهو البرمجة.
    ü     تتميز الإذاعة والتلفزيون بأنهما وسيلتان إعلاميتان توفر تجهيزات استقبال المتلقي لكي يتمكن من متابعة البرامج على خلاف الصحافة المكتوبة التي تتطلب توفر مستوى تعليمي لدى القارئ.
    ü     أما من حيث الجمهور فيتم تكييف توجه الصحيفة مع الخصائص الثقافية والاجتماعية والفكرية للقراء، ويتم تكييف شبكات برامج المحطات والقنوات مع جدول أعمال المشاهد من خلال الشبكة البرامجية (التلفزيون العام (الجامع): الأسرة النموذجية، والتلفزيون المتخصص: جهور متخصص).
    ü     ان توزيع الصحافة المكتوبة يكون لمناطق محددة، بينما بث برامج المحطات الإذاعية والتلفزيونية يكون بواسطة الموجات الهيرتزية، و الأقمار الصناعية والأسلاك، حيث اختيار الإرسال (أو البث) يتم حسب المساحة الجغرافية التي نريد تغطيتها وحسب الساعة التي نريد أن تمس فيها الحصص للجمهور.
    ü     في الصحافة المكتوبة يقتني المواطن مباشرة الجريدة، بينما في المحطات الإذاعية والتلفزيونية على المشاهد أو المستمع أن يدفع مقابل استقباله لهذه البرامج.
    ü     إن الإذاعة والتلفزيون هما " خدمات ايصال – الراديو – تؤدي حصص موجهة إلى أن يستقبلها الجمهور مباشرة "، فنجد نفس شروط الاستقبال والاستعمال لنفس الركيزة (support) أي الموجات الهيرتزية.
    أما على مستوى الصناعة ككل فإن يمكن تحديد الفرق بين صناعة الصحافة والصناعة التلفزيونية والإذاعية فيما يلي:
    ü     تتضمن صناعة الصحافة عدة صناعات فرعية والمتمثلة في الطباعة والتوزيع، أما صناعة الإذاعة والتلفزيون فتتضمن صناعات الإنتاج والبث والاتصالات.
    ü     الفرق كذلك بين الصناعتين يكمن كذلك في المنتوج الذي يتم بيعه للجمهور، حيث أن الصحيفة تبيع منتوجا قابلا للنقل و الحيازة و الاستعمال ، أما المحطة التجارية الهرتزية فتنتج (المشاهدة ) أي الجمهور و تبيعه للمعلن ، أما قنوات الخدمة العمومية فتقدم لجمهورها خدمة عمومية تمولها الميزانية العامة ، في حين القنوات المشفرة خدمة يتم دفع ثمنها مسبقا عن طريق الاشتراك.
    ü     و بالنسبة للجمهور فهو زبون بالنسبة للمحطة التجارية ( يدفع تكاليف المشاهدة الزبون الذي يشتري السلع المعلن عنها في المحطة ) ، و هو مستفيد من خدمة عمومية في القناة العمومية ( يمولها دافع الضريبة ) ، وهو مستعمل خدمة ( مثل مستعمل الهاتف و غيره ) في القنوات المدفوعة ( المشفرة ) .
    ü     وفيما يتعلق بسلسلة الأنشطة الوظيفية فنجدها متشابهة مع تلك الموجودة في الصناعة الصحفية و المتمثلة في : الوكالة – منتجو البرامج – البرمجة-البث – المشاهدة –الاشهار-سبر الآراء،و في الصحافة يوجد ذات الأنشطة الوظيفية و هي : الوكالة – النشر-التوزيع-الاستهلاك-الاشهار-سبر الآراء.
    ü     في الصناعة الصحفية تكلفة التحرير منخفضة و لكن تكاليف الطباعة و التوزيع مرتفعة، أما في الصناعة التلفزيونية و الإذاعية فإن تكاليف إنتاج البرامج الوطنية ( الداخلية ) و شراء البرامج المستوردة ( الخارجية ) باهضة  و ذلك من أجل تغطية التدفق ، لكن تكاليف البث ضعيفة نسبيا .
    ü     نفقات المحطات الإذاعية و التلفزيونية لا تتغير بزيادة أو نقصان عدد المشاهدين و هذا عكس الصحافة المكتوبة ، و منه زيادة حجم المشاهدة لا يؤثر على نفقات البرامج التلفزيونية والإذاعية و لكنها تؤثر على الاشهار ، في حين زيادة سحب جريدة ما يؤثر على نفقات الطباعة و يؤثر على الاشهار كذلك .
    ü     ان نفقات المحطات الإذاعية و التلفزيونية و المتمثلة في نفقات الانتاج و البث هي نفقات غير متغيرة مثلها مثل الصحافة المكتوبة.
    ü     صناعة الراديو و التلفزيون أكثر تعقيدا من صناعة الصحافة ، فهي وثيقة الارتباط بسوق انتاج الحصص من جهة و بسوق الاستهلاك المرتبط بقطاع انتاج الأجهزة من جهة أخرى.
    ü     فهي هيكلة مزدوجة تنتج تجهيزات الارسال ، الحصص و التي تصنع أجهزة ( و هي مواد استهلاكية نصف دائمة غير نهائية ) و بالتالي فالخدمة المؤدىة لا تعتبر كاملة إلا عندما تتوفر البرامج و الأجهزة معا.
    ü     الهيكل الصناعي للراديو و التلفزيون هو قريب من المواد الاستهلاكية النصف دائمة ( semi durable ) ، فهي تضاف إلى الاستهلاك لكنها ليست ضرورية " مباشرة "
    ü     إن نمو صناعة الراديو و التلفزيون ليس مرتبط فقط بمشكل إنتاج لوحده بل بمشاكل المربوطة به أو الموازية له و المتمثلة في التجهيزات ، البرامج و أجهزة الاستقبال.
    ü     يعتبر منطق البث ( التدفق ) ( flow logic  ) عرض المنتجات التلفزيونية و الاذاعية  بواسطة البث الجماهيري المنطق الذي يحكم نشاط التلفزيون و الاذاعة ، فبدلا من إعادة نسخ النموذج الأصلي لعمل معين ، عدة مرات ، أو توزيعه يتم بثه في وقت واحد إلى عدد كبير من المستهلكين ، و بصيغة أخرى يتم عرض نفس البرنامج بواسطة البث على جمهور واسع ، لا على شكل نسخ فردية قابلة للامتلاك ، و يتم استهلاكه في نفس الوقت الذي يبث فيه.
    ü     صناعة التدفق في الإذاعة و التلفزيون ، فهناك تدفق مستمر من البرامج يقوم على اللقاء اليومي ووفاء الجمهور ، و كذا استهلاك فوري جماهيري واسع لهذه البرامج.
    ü     إن النموذج الأصلي في صناعة البث يتم مباشرة على مجموع المشاهدين ضمن شبكة برامجية في شكل تدفق مستمر غير قابل للحيازة الشخصية أو لإعادة الاستعمال في أوقات أخرى.
    ü     إن المحطات الإذاعية خاصة التلفزيونية تتطلب امكانيات مادية كبيرة لرسم شريط اشهاري و هذا عكس الصحافة المكتوبة ، فمثلا لرسم شريط اشهاري في محطة تلفزيونية يتطلب مخرج ، كامرتين ، ممثل ، و النفقة الحقيقية مكلفة أكثر من 5 أضعاف موجهة للأشخاص الذين ينتجون هذا الشريط الذي يستمر حوالي 30 ثانية.
    3.    أسواق وسائل الإعلام المرئية و المسموعة :
    يباع المنتج الإعلامي المرئي و السمعي عدة مرات عبر مراحل تصنيعه، في عدة أسواق مختلفة و هي: سوق المشاهدين والمستمعين، سوق المعلنين، سوق الأجهزة أو التجهيزات، سوق المنتجات التلفزيونية و الإذاعية ( الحصص و البرامج ) وسوق المالية.
    ü     سوق المشاهدين والمستمعين : إن الطلب على أي وسيلة إعلامية هو الشرط الأولي لظهور هذه الوسيلة و تطورها ، و تمثل هذه السوق الهدف الرئيسي للمؤسسة التلفزيونية و الإذاعية سواء تعلق الأمر بالبث الهرتزي أو السلكي أو عبر الأقمار الصناعية ، و سواء تعلق الأمر بتلفزيون الخدمة العمومية أو التلفزيون التجاري أو تعلق الأمر بالإشهار أو بالإتاوة أو الاشتراك أو الدفع بالمشاهدة ، فإن المشاهدة هي السوق الأولية التي يتجه إليها المنتوج المرئي و المسموع ، و لابد من تحديد احتياجات الجمهور من خلال دراسة ماذا يريد الجمهور ، و ما هي احتياجاته وماذا تريد الوسيلة الإعلامية قوله لهذا الجمهور. و من أهم خصائص هذه السوق هي :
    التشتت الكبير: فعدد المشاهدين يتزايد باستمرار، لكنه في نفس الوقت يتوزع على قنوات و محطات متعددة و على أنواع عديدة من البرامج.
    التوجه نحو المحتوى الشخصي للمشاهدة بدلا من المحتوى الجماعي الذي كان يتم في نطاق الأسرة.
    إن خصوصية سوق المشاهدين يمكن أن تتجلى بأشكال مختلفة حسب طبيعة العلاقة بين المؤسسة المبرمجة و المشاهدين و ما إذا كانت العلاقة مباشرة أو غير مباشرة ، فمثلا في حالة البث الهرتزي تكون العلاقة التجارية غير مباشرة مع المشاهدين إذ تقدم القناة العمومية أو المحطة التجارية " خدمة " مجانية للجمهور ، الغرض منها هو زيادة الإقبال على البرامج التي تبثها تلك القناة أو المحطات ، و الهدف من زيادة الإقبال على برامج القناة أو المحطة هو الرفع من قيمة المساحات الاشهارية في سوق الإعلانات و كذا رفع نصيب القناة من عائدات الإتاوة ( في حالة القنوات العمومية).
    ü     سوق المعلنين: تبيع وسائل الإعلام المرئية والمسموعة مساحات من وقت البث للمعلنين المعنيين بالجمهور حسب مواصفاتهم المختلفة من أجل الترويج لبضائعهم المختلفة أو لبناء صور لمؤسساتهم. ويسمح التوسع في السوق الأولية ( أي زيادة الاقبال على المشاهدة ) برفع حصة القناة أو المحطة من السوق الثانوية ( سوق الاشهار وسوق التمويل العمومي : الاتاوة والإعانة) .
    إن القناة الإذاعية أو التلفزيونية التجارية تسعى لتحقيق الربح لذلك تسعى القنوات إلى اجتذاب جمهور مثير للاهتمام المعلنين إما بواسطة العدد القنوات العامة ( الجامعة) أو بفضل التخصص ( القنوات الموضوعية) ، و تفاوض المعلن عن سعر الومضة الإشهارية حسب أهمية وقت بثها ، هذا المنطق التجاري الطاغي على وسائل الاعلام ، أخضع جميع الوسائل الإعلامية لسيرورته بما في ذلك القنوات العمومية.
    و من مميزات هذه السوق الثانوية و التي يمثلها الإشهار بأنها :
    ü     سوق تتميز بالتوجه نحو التمركز
    ü     سوق المعلنين مبنية على السوق الأولية و مرتبطة بها ، فتلبية الطلب الأولي هو شرط للحصول على حصة من السوق الثانوية.
    ü     سوق البرامج : تعتبر القنوات الإذاعية و التلفزيونية في الأصل قنوات مبرمجة للإنتاج ، و عليه يحاول المبرمج إعداد شبكة برامج متجانسة ملائمة للاحتياجات فئة أو فئات معينة من الجمهور وفقا لخصائصها الاجتماعية و الثقافية ، و سلوكها الاقتصادي.
    و يلجأ المبرمج إلى المفاضلة بين إنتاج الحصص والبرامج أو شرائها من السوق ، وقد تلجأ القنوات إلى الانتاج المشترك مع مؤسسات الانتاج السينمائي أو الموسيقى أو الصحافي، كما يمكن أن تبيع منتجات وبرامج في أسواق البرامج المختلفة ، وهناك أسواق دولية للبرامج الإذاعية والتلفزيونية معرفية.
    ü     سوق الأجهزة ( جهاز التلفزيون ، المذياع ، الهوائيات ...الخ ): تتميز الإذاعة و التلفزيون بأنهما وسيلتان إعلاميتان توفر تجهيزات استقبال المتلقي لكي يتمكن من متابعة البرامج ، و تؤثر سوق الأجهزة تأثيرا حاسما على انتشار وسائل الإعلام ، و لذلك تلجأ الدول إلى اعتماد سياسات معينة تتعلق بتوسيع هذه التجهيزات بالموازاة مع سياسات الإعلام المرئي المسموع ، مثل دعم الأسعار أو ضمان البيع بالتقسيط أو تشجيع الاقتناء بالوسائل المختلفة ، و قد تتدخل شركات الانتاج الإلكتروني في مجالات البرامج أو البث أو الألعاب و الأنشطة المختلفة من أجل زيادة مبيعات الأجهزة.
    و تعتبر سوق أجهزة التلفزيون و الإذاعة أحد الأسواق المهمة في العالم المعاصر ، و يعتبر مستوى تجهيز السكان أحد المؤشرات المهمة على مدى تطور سوق المشاهدين. و في البلدان المتقدمة نجد أن تجهيز السكان لا يتوقف عند جهاز واحد في المسكن بل يمكن أن يصل إلى جهاز في كل غرفة .
        و أطلق الباحث فني عاشور  على كل من سوق التجهيزات وسوق البرامج التلفزيونية و الإذاعية (المنتوج الخيالي) بسوق المستهلكين النهائيين ، والتي تشهد نموا مطردا يبدأ في غالب الأمر بشراء الجهاز ( التلفزيون مثلا أو محرك أشرطة ) يتبعه استهلاك المنتجات الاستهلاكية ( البرامج التلفزيونية ، الأشرطة) .
    ü     سوق المالية : إن ارتفاع تكلفة الإنتاج في وسائل الإعلام المرئية والمسموعة ، وخاصة إنتاج النموذج الأصلي، يتطلب البحث عن تمويل مسبق للإنتاج ، أي القيام بتركيب مالي للمشروع مع كل انتاج جديد، إذ قلما يكون المنتج قد حقق عوائد مالية كافية، فيستعين بالموزع عادة، ولكن اللجوء إلى البنوك ضروري، أما إذا كان نشاط وسائل الإعلام أكثر مرودية فيزداد اهتمام البنوك بها وتتحول في هذه الحالة إلى شريك نشيط ، شريطة أن تتضافر عدة عوامل أخرى منها توفر طلب اجتماعي على هذه الوسائل التقنية .
    ü     سوق العمل : و يتشكل من الطاقم البشري الذي يساهم في الصناعة التلفزيونية والإعلامية مثل : الصحافيين ، المنشطين ، المبرمجين ...الخ .
    يجدر بالذكر أن هذين السوقين أي (سوق المالية و سوق العمل) تؤثران جدا على نشاط وسائل الإعلام لسببين :
    - أهمية الشركات المالكة للقنوات، فهي مؤسسات صناعية كبرى تتمتع بمكان في الأسواق المالية، وتتأثر بحركتها.
    - ازدياد أهمية الخبرة والتكوين ، والنجومية في نشاط القنوات الإذاعية والتلفزيونية وانفتاح سوق العمل على نطاق دولي، مما أدى إلى تدويل ( عولمة ) التكوين والتأهيل ، والتشغيل ، فأصبحت تنقل الخبرات والكفاءات من قناة إلى أخرى أو من بلد إلى آخر ومن منطقة إلى أخرى في سوق عالمية لا حدود لها.
    4.    مراحل الإنتاج الصناعي في المؤسسة التلفزيونية والإذاعية :
    يمر النشاط التلفزيوني والإذاعي بعدة مراحل لصبح جاهزا للعرض الجماهيري على مختلف القنوات التلفزيونية والمحطات الإذاعية ويمكن إيجاز أهم هذه المراحل في النقاط التالية:
    1‌- مرحلة إنتاج البرامج والحصص أو شرائها : البرامج عبارة عن مادة تلفزيونية تبث مسجلة أو حية على الهواء وتشغل مساحة زمنية محددة من ساعات البث التلفزيوني  لأية قناة تلفزيونية  .عادة ما تكون هذه المادة في إطار البرنامج تحمل اتجاها معينا أو صفة معينة تحقق فيها إحدى أهداف محطة البث .
    ويمكن أن يكون البرنامج تسجيلي،  سياسي، أو وثائقي أو منوعات أو ديني، موجه لفئة محددة من المشاهدين أو عموم المشاهدين، عادة ما يكون البرنامج من إنتاج القناة مع إمكانية أن يكون منتجا لصالحها من قبل شركة إنتاج، وأحيانا تشتري القناة حقوق البث بعض البرامج .
    و لإنتاج البرامج التلفزيونية من قبل القناة فهي تحتاج إلى آلات التصوير والأستوديو والضيوف والديكور ...فضلا عن  مؤسسات الانتاج وممولي هذه الحصص والبرامج .
    2‌- مرحلة برمجة البرامج والحصص: وذلك ضمن الشبكة البرنامجية للقناة أو المحطة ( مؤسسات البرمجة)، وتمثل البرمجة مجموع ما قدم خلال يوم واحد من البث سواء كانت أخبار، منوعات، حصص مختصة، العاب ـ أفلام، مسلسلات .
    وتعرف البرمجة التلفزيونية بأنها " فن تزاوج الأوقات الاجتماعية ( مدى تواجدي أمام الشاشة ) وفترات البث التلفزي ( ترتيب البرامج على فترات زمنية للبث ) " ، و استنادا إلى هذا المعنى يجب أن نأخذ بعين الاعتبار المواسم ( الصيف  و الشتاء)، واليوم من الأسبوع، الوقت من اليوم، مع تحديد الجمهور المستهدف بأكبر دقة متاحة . كما يعرف الكثيرون الشبكة البرامجية على أنها " الجدول الذي يقدم تقسيم  البرامج الإذاعية أو التلفزيونية ."
    وتراعي إدارة أي قناة تلفزيونية أو إذاعية عدة قواعد في بناء شبكتها البرامجية ، و تعتمد عليها بشكل كبير في إعداد خارطتها البرامجية حتى تضمن نجاعة ما تبثه و جذبه لأكبر عدد من المتفرجين و بالأخص من المعلنين  الذين  تعتبر مداخيلهم مورد أساس لتسيير هذه المؤسسة. و من أهم القواعد التي تستند عليها ، وتراعى في عملية بناء الشبكات البرامجية  مايلي  :
    ü     البرامج : تتوقف عملية انجاز الشبكة البرامجية في أية قناة على توفر كم كبير من البرامج التي يتم تنظيم أوقات بثها طوال اليوم أو الأسبوع و الشهر و حتى السنة. و ترصد القنوات التلفزيونية مبالغ هامة لشراء أو إنتاج البرامج تبعا للأهداف و الخط الافتتاحي للقناة .
    ü     الجمهور :  يعتبر الجمهور الركيزة الأولى التي تبنى عليها الشبكة البرامجية  والمستهدف الأول من قبل المعلنين الذين يتخذون من القناة الوسيلة الأكثر نجاعة لإثارته ودفعه لاقتناء سلع ما أو الإقبال على خدمات معينة يتم التشهير لها ، من خلال دراسة جمهور القناة انطلاقا من جنسه وسنه ولغته  وثقافته وميولاته وصولا إلى الفترات التي يخلد فيها إلى مشاهدة التلفزيون، ويتم ذلك من خلال دراسات الجمهور التي بادرت إليها الكثير من القنوات التلفزيونية وعلى رأسها الأوروبية.
    ü     الاشهار : بات الإشهار اليوم أحد العناصر المحددة للشبكة البرامجية للقنوات التلفزيونية ، حيث يقوم  المتعاملون الاقتصاديون باختيار الأوقات و البرامج المهمة و التي تستقطب أكبر قدر من الجمهور لبث ومضاتهم الإشهارية، كما أن القائمون على هذه القنوات باتوا يركزون على برمجة أقوى البرامج في الفترات التي  تعرف إقبالا كبيرا للمعلنين خصوصا في أوقات الذروة.
    3‌- مرحلة الإعداد أي تجهيز وسائل الإرسال والبث : يحتاج النشاط التلفزيوني و الإذاعي إلى محطات للإرسال و الاستقبال ، أي انه يحتاج إلى الشبكات اللاسلكية التي كانت ، إلى عهد قريب ، تملكها الدولة مما يستلزم الحصول على ترخيص مسبق لاستعمالها في البث الإذاعي ، غير أن الوضع تغير بفضل امكانية البث عن طريق الانترنيت وأصبح بإمكان المحطات الإذاعية و التلفزيونية أن تذيع برامجها على شبكة الانترنيت ومن خلال مواقع متعددة للبث .
    4‌- مرحلة البث و الإرسال: إن البث معناه عرض المنتجات بواسطة البث الجماهيري، فبدلا من إعادة نسخ النموذج الأصلي لعمل معين، عدة مرات أو توزيعه يتم بثه في وقت واحد إلى عدد كبير من المستهلكين، وهناك ثلاث أنواع للبث وهي :
    ü     البث الهرتزي الأرضي
    ü     البث عبر الأقمار الصناعية
    ü     البث بواسطة الأسلاك ( التوزيع عبر الكابل )
    أما فيما يخص الإرسال فيتم حسب 4 أنماط أساسية :
    1-ارسال مباشر
    2-حصص مرسلة من عند سلسلة محطات، مرتبطة فيما بينها بكوابل أو بتوابع هرتزية (Relais hertziens )
        3-حصص مسجلة
        4-بث أفلام أو إعادة برمجة اسطوانات
    5.    تكلفة المنتجات الإعلامية المرئية والمسموعة:
    سبق وأن أشرنا أن مجموع التكاليف في إنتاج معين ( نفقات الانتاج ) لا يتغير باختلاف نسبة الجمهور، بمعنى آخر سواء ارتفعت نسبة المشاهدة أو الاستماع أو انخفضت لا تتغير تكاليف الانتاج الإعلامي المرئي و المسموع، وهذا عكس ما نجده في اقتصاديات الصحافة المكتوبة.  وعليه فإن تكلفة البرامج في التلفزيون تكون نفسها مهما تغير حجم الجمهور .
    والجدير بالذكر أن تكاليف الإذاعة والتلفزيون تختلف باختلاف عدة عوامل:
    -       مضمون البرامج : ارتفاع النفقات في التلفزيون والإذاعة يختلف باختلاف طبيعة البرنامج، فمثلا نفقات الإذاعة التي تبث الموسيقى على مدار الساعة أقل بكثير من نفقات إذاعة تعتمد على الابتكار والإبداع الذي يطيل من مدة برامجها ، والأمر ذاته بالنسبة للتلفزيون، فمثلا برنامج تلفزيوني للتسلية تكلفته تختلف عن برنامج سياسي .
    -       مدة البرامج: تحدد مدة برمجة برنامج معين تكاليف هذا البرنامج، حيث تلعب مدة البرامج دورا في زيادة النفقات لليوم الواحد، فمثلا : دقيقة واحدة للرسوم تتراوح ما بين 30 ألف إلى 40 ألف دولار.
    و يمكن حساب متوسط التكلفة ليوم واحد من خلال حساب التكلفة الإجمالية قسمة 30 يوم
    التكلفة الجمالية - 30 يوم متوسط التكلفة ليوم واحد
    وعليه نستنتج أنه كلما زاد قدم أي إذاعة أو تلفزيون تميل أكثر لإطالة مدة برامجها، الأمر الذي يؤدي إلى ارتفاع النفقات، لكن يختلف هذا الارتفاع خاصة باختلاف أنواع البرامج وبالتالي المدة والتكلفة ليستا نسبيتين .
    -       طرق إرسال و بث البرامج : كلما كانت الحصص التلفزيونية و الإذاعية تبث مباشرة كلما انخفضت التكاليف ( قل الديكور و تكاليف التركيب و المزج ...) ، كما  يختلف حجم تكاليف البث حسب طرقها ، فهناك  طريقة البث الهرتزي الأرضي  و البث عبر الأقمار الصناعية ، و كذا البث بواسطة الأسلاك ( التوزيع عبر الكابل ) ، و البث عن طريق الانترنت .
    -       القناة: يسبب مشكل خلق برامج موجهة للجماهير المحدودة أي التي تعرض في القنوات المتخصصة تكاليف غالبا ما تكون صعبة التقدير، الأمر الذي يطرح مشكل التوازن الاقتصادي للإذاعة و التلفزيون، مقارنة بتلك البرامج التي تعرض للجمهور العام ( في القنوات العامة ).
    -       موقعه في الشبكة البرامجية: حسب دراسة أجريت لصالح اليونيسكو على تكلفة الانتاج المرئي والمسموع في بعض البلدان النامية من مناطق مختلفة، تبين أن هناك علاقة مباشرة بين تكلفة المنتوج وموقعه في شبكة برامج القناة أو المحطة المبرمجة، فهذا الموقع في البرمجة يحدد مستوى عائدات البرنامج وبالتالي مستوى مردودية ضمن الشبكة البرامجية .
    و تتمثل تكاليف الصناعة الاعلامية المرئية والسمعية بعض النظر عن  مصاريف التجهيز ومصاريف التسيير التي تحتاجها أي مؤسسة إعلامية تلفزيونية وإذاعية فيما يلي:
    ·        تكاليف دراسات السوق: أنشأت عدة محطات إذاعية و تلفزيونية بدون دراسات مسبقة لسوق المشاهدين أو المستمعين، لكن باشتداد المنافسة بدأ التفكير في القيام بدراسات حول هذه السوق وذلك بدءا من الثمانينيات، حيث بينت هذه الدراسات أنه من الممكن ضمان نسبة نجاح كبيرة لعدة أشكال من الراديو والتلفزيون كالموسيقى، الرياضة، الاقتصاد ومواضيع شتى .
    و تعتبر هذه الدراسات بمثابة تحليلات سيكولوجية تتعلق بوجه الخصوص بذوق واختيارات المستمع أو المشاهد ،
    وكما يختبر العدد  "صفر"  من الصحافة المكتوبة، يختبر البث التجريبي في الإعلام المرئي والسمعي، ولكن مثل هذا البث، يتطلب تسوية شبكة البرامج وتجنيد فريق قوي و توفير أموال طائلة تغطي حقوق البث الخاصة ببعض البرامج.
    ·        تكاليف انتاج البرامج في الإعلام المرئي السمعي : عادة ما يكون البرنامج من إنتاج القناة مع إمكانية أن يكون منتجا لصالحها من قبل شركة إنتاج ، وتتمثل تكاليف المنتوج السمعي البصري في حالة إذا كان المنتوج عبارة عن أفلام أو مسلسلات تلفزيونية في تكلفة المستخدمين، التمثيل والأعباء الاجتماعية ، النقل والتعويضات، الحقوق الفنية المتعلقة بالمبدعين، الديكور والملابس، الوسائل التقنية، التصوير..الخ، فمثلا تكلفة الدقيقة الواحدة من الانتاج المرئي والمسموع في فرنسا وبالتحديد تكلفة الأفلام التلفزيونية الخيالية 14.454 يورو للدقيقة سنة 2004 ، في حين تكلف الحصص التنشيطية 9.808 يورو للدقيقة .
    غير أن تكاليف الإبداع التي تعتبر أكثر كلفة لاسيما إذا تعلق الأمر بالخيال التلفزيوني المصور تمنع عددا من المحطات الإذاعية والتلفزيونية من تنمية برامجها بمجرد إبداعات أصلية، وتدفعها لشراء حقوق بث البرامج التي تم إخراجها لمحطات سمعية بصرية أخرى، و التي تكون أقل تكلفة من إنتاجها للبرامج .
    ·        تكاليف شراء البرامج: أحيانا تشتري القناة حقوق البث ضمن شروط تعاقد تحدد عدد مرات البث و مدته و القيمة المدفوعة لقاء الحصول على هذه الحقوق إما حصريا أو مشاركة مع قنوات أخرى .
    وعلى غرار باق النشاطات الاقتصادية يخضع اقتناء البرامج التلفزيونية في الأسواق العالمية إلى قانون العرض و الطلب و تحكمها أسعار السوق من جهة والأغلفة المالية التي تخصصها كل قناة تلفزيونية  لاقتناء مختلف البرامج بحسب خطها الافتتاحي من جهة أخرى، مما خلق في كثير من الأحيان فجوة كبيرة بين البرامج المطلوبة والإمكانيات المالية المتاحة.
    ويسمح أسلوب شراء حقوق بث البرامج التي تم إخراجها لمحطات سمعية بصرية أخرى والذي يرتبط خاصة بالتلفزيون، بتحقيق اقتصاد معتبر لمشتري الذي يستفيد من سعر أقل من تكلفة الانتاج، بما أن الأمر يتعلق بمنتج " مستهلك " جزئيا .
    إن ثمن بيع البرامج مرتبط بعوامل مختلفة وتنافسية ظاهريا، إذا كان المنتج مطلوبا وكان المشتري يرغب في احتكاره، وهو الحال عندما تكون القنوات في حالة منافسة، يرفع البائع من ثمنه، وهو الأمر الذي يفسر انفجار أسعار بعض المسلسلات أو الدراما خلال هذه السنوات الأخيرة .
    وبالعكس إذا ما اقترحت في السوق الدولية منتجات تم استهلاكها من قبل السوق الداخلية فهذا يسمح ببيعها بثمن غير مرتبط بتكاليف الانتاج، وهكذا تكون العلاقة بين الإبداع والشراء من 1 إلى 10 على الأقل : إذا كانت حلقة واحدة من مسلسلات الخيال الأمريكية تباع في فرنسا عام 1989 بين 10 و 55 دولار أي ما يعادل 55000 إلى 300000 فرنك.  و على سبيل المثال تم بيع حلقة واحدة من مسلسل دلاس الأمريكي لفرنسا عام 1985 ب 210 ألف فرنك فرنسي.
    وشراء المسلسلات هو أكثر تكلفة بسبب ارتفاع أسعارها في سوق السمعي البصري نتيجة لتكاليفها الباهظة والناتجة عن التقنيات الحديثة المستخدمة من جهة وارتفاع أجرة الممثلين من جهة أخرى، وتشكل الأشرطة أقل البرامج كلفة للتلفزيون.
    وبناءا على ذلك تبتعد كل المحطات التلفزيونية عن الإبداع باقتناء البرامج الجاهزة من المحطات التلفزيونية المختلفة أو من المؤسسات الانتاجية للبرامج، وهناك عدة طرق للاقتناء هذه البرامج أهمها:
    -       عن طريق المفاوضات بين مختلف المحطات التلفزيونية الكبرى.
    -       عن طريق البيع في المعارض الإقليمية أو الدولية.
    -       تقوم ببيع البرامج بنفسها عن طريق الاتصال بالمحطات والإعلان عن وجود برنامج جديد، كما أن هناك برامج يتم الحصول عليها عن طريق تبادل البرامج بين البلدين.
    يذكر أن نفس البرامج تباع بأسعار مختلفة حسب حجم القناة التلفزيونية صغيرة أم كبيرة ، و حسب البلد الذي تنتمي إليه متطورا كان أم ناميا ، و بصفة عامة يكون ثمن البيع ساعيا حسب المشترك أو المستهلك، علما أن الولايات المتحدة الأمريكية تعتبر ممولا عالميا للبرامج ، لكن تختلف نسبة البرامج المستوردة من بلد لآخر، و من قناة تلفزيونية لأخرى.
    ·        تكلفة شراء وإنتاج البرامج بالتلفزيون الجزائري:
    لقد تطورت تكاليف شراء و إنتاج البرامج بالتلفزيون الجزائري ، حيث تضاعف ب 04 مرات في ظرف 05 سنوات ، ارتفع من 400مليون دينار سنة 2000 إلى 1800 مليون دج سنة 2004 وهذا بسبب ارتفاع تكاليف إنتاج أو شراء حقوق بث البرامج ، زيادة على ارتفاع الطلب على البرامج الجديدة وسعي المؤسسة إلى تلبية رغبات الجمهور، بعدها انخفض و وصل إلى 1500 مليون دج سنة 2005 ثم يرتفع 1600 مليون سنة 2006 لينخفض مجدد إلى 1300 مليون دج سنة  2008.
         وقد قدر مجموع قيمة المصاريف المخصصة لشراء البرامج وطنية كانت أم عربية أم أجنبية خلال الثلاثي الثاني من سنة 2008، 18.661.702 دج، حيث اقتنى التلفزيون الجزائري خلال هذه الفترة 05 برامج وطنية من عند الخواص مدتها  04ساعات و 49 دقيقة بتكلفة قدرت ب 2.529.648 دج ، تليها البرامج الأجنبية العربية  وعددها 10 كلفت التلفزيون 151.800 دولار وتأتي البرامج الأجنبية الغربية في المرتبة الثالثة ب 16 برنامج مدتها 63 ساعة و 46 دقيقة و بلغت تكلفتها 72.700 اورو.
    ·        تكلفة شراء حقوق  بث مباريات كرة القدم :   في الجزائر مثلا  نجد أن المؤسسة الوطنية للتلفزيون قامت بشراء حقوق البث المباشر في نهائيات كأس العالم لكرة القدم سنة 2002 بما يعادل 37 مليار سنتيم ، أي ما يقارب نصف الميزانية السنوية لهذه المؤسسة ، كما دفعت مبلغ 300 ألف أورو لشركة سبور فايف لضمان التغطية المباشرة لمباريات المنتخب الوطني في كأس إفريقيا لكرة القدم سنة 2004.
          ونشير إلى أن شركة راديو وتلفزيون العرب(ART) المالكة لحقوق البث لهذه المباريات قد طلبت مبلغ 600 ألف دولار مقابل اكتساب حقوق البث غير المباشر.
    أما في نهائيات كأس العالم لسنة 2006 فقد عرضت المؤسسة الوطنية للتلفزيون على راديو المالكة لحقوق البث لهذا الحدث الرياضي ( المحتكرة للنقل التلفزيوني لنهائيات كأس العالم 2006 في المنطقة العربية ) مبلغ 120 مليار سنتيم و تلفزيون العرب لشراء هذه الحقوق ، أي ما يقارب ضعف الميزانية السنوية لهذه المؤسسة.
    ومن هذه المبالغ والأرقام تتضح لنا الأهمية الاقتصادية لحقوق البث و بالموازاة مع ذلك فإن القرصنة الفضائية في هذا القطاع تؤدي بهذه الهيئات إلى خسائر فادحة، ذلك لأن التعدي على حق مالي من حقوق البث هو تعدي على حقوق الملكية الأدبية و الفنية بأكملها.
    ·        تكاليف البرمجة: تحدد أي قناة تلفزيونية أو إذاعية شبكتها البرامجية بالارتكاز على ميزانيتها وتكلفة كل عنصر في الدقيقة الواحدة، لكن المساحة المخصصة للإبداع أكبر تأثير على كلفة البرامج والأعداد الإجمالية للموظفين والتجهيزات الضرورية. وتختلف البرمجة التلفزيونية والإذاعية من محطة إلى أخرى، و ذلك من حيث حجم الأفلام و البرامج و بتغير البرمجة تتغير تكاليف هذه المحطة.
    ·        تكاليف التجهيزات : تؤثر البرمجة على قيمة الاستثمارات المرتبطة بتجهيزات الانتاج ( التجهيزات ذات الموجات المنخفضة ) و باستوديوهات التسجيل و بتجهيزات ما بعد التسجيل . إن جهاز راديو موضوع داخل محل صغير يحتاج إلى بضعة أمتار مربعة و ميكرفونيين أو ثلاث و إلى جهاز تسجيل مغناطيسي أو اثنين ، حيث أن تجهيز محطة إذاعية لا يحتاج إلى ميزانية كبيرة . أما بالنسبة لرأس مال محطة تلفزيونية محلية تتفاوت التقديرات بين 2 و 6 ملايين فرنك ، بينما يستلزم تجهيز محطة تلفزيونية كبيرة عدة ملايين . و بالإضافة إلى استوديوهات التسجيل نجد أجهزة الريبورتاجات ، و تجهيزات ما بعد الانتاج و كذا التجهيزات اللازمة للاستقبال البرامج المعدلة .
    ·        تكاليف البث:  يتميز اقتصاد السمعي البصري في السنوات الأخيرة بانفجار العرض ، حيث تضاعف عدد المستثمرين و القائمين على البث ، و بفضل الأقمار الصناعية و بعدها الكابل و كذا بفضل تسيير جديد لموجات ارتفع عدد القنوات التلفزيونية و الإذاعية .
    حيث تتناسب الأسعار و البث المقصود و المختار: هرتزي، هوائي أو بالكابل، ففي كل حالة من هذه الأحوال ، يجب الأخذ بعين الاعتبار المنطقة المغطاة ، تضاريسها ، كثافة و نوع سكانها/  بأي طريقة كان البث. و يتطلب وضع شبكة برنامجية وطنية استثمارات مالية كبيرة تقدر ربما بملايين الدولارات. فترتفع مثلا ، المصاريف المخصصة في البث الهرتزي ، كلما كانت المناطق المغماة شاسعة وتضاريسها صعبة. أما في يتعلق بالبث الهوائي الذي يغطي منطقة أكثر شساعة و بصفة فورية فهو يتطلب حوالي 4 ملايين أورو لإطلاق القمر الصناعي فقط ذو الاستعمال المحدود في الوقت.
    وعليه تخضع أسعار البث إلى الطريقة المستعملة في البث (كابل، هوائي، رقمي) وإلى كثافة الاستثمارات الناتجة عنه، وتتولى المؤسسات السمعية البصرية الخاصة وضع التجهيزات وصيانتها.
    وفي هذا الصدد تدفع القنوات الجزائرية الخاصة التي تبث برامجها من الخارج للأقمار الصناعية الأجنبية أموالا باهضة  تكلفها مبلغ أربعة (4) ملايين دج شهريا.
    6.    أهم مداخيل المؤسسات الاعلامية التلفزيونية و الاذاعية ( مصادر التمويل / الإيرادات و الموارد المالية ) :
    أ‌- الدعم الحكومي: وهي المبالغ المالية التي تقدمها الدولة سنويا من خزينتها لمؤسسة التلفزة الوطنية للالتزام بأداء الخدمة العمومية، و يكون الدعم إما كاملا من الحكومة أو جزئيا لمواجهة بعض النقص أو ممثلا في تزويد المؤسسة باحتياجاتها من المعدات والأجهزة.
    ب‌- عائدات حقوق استعمال واستقبال الإذاعة والتلفزيون " الرسوم ": شكلت رسوم ملكية أجهزة الاستقبال الإذاعية والتلفزيونية المصدر الأساس في المؤسسات المرئية والمسموعة في غالبية دول العالم حتى عام 1960، أين بدأت هذه المؤسسات في قبول مبدأ التمويل الإعلاني نتيجة اتجاه كثير من القنوات التلفزيونية والإذاعية إلى فتح رأسمالها أمام المعلنين. وكانت هذه الرسوم تختلف من دولة لأخرى طبقا لمستوى الدخل وحجم انتشار أجهزة الاستقبال، ومع زيادة الإقبال على الإعلان عبر أثير الإذاعة وشاشات التلفزيون بدا التراجع الواضح في الاعتماد على عائد الرخص.
    ت‌- الإعانات التجارية: تعد الولايات المتحدة الأمريكية أولى الدول التي لجأت إلى هذا  النمط منذ عام 1960، حيث أصبحت تمول الإذاعة والتلفزيون في هذه الدولة بشكل كامل من خلال ما تحققه من إرادات الإعلانات .
    وعلى سبيل المثال كشف تقرير أعده مكتب "سيقما " الاستشاري أن المؤسسة الوطنية للتلفزيون الجزائري حققت خلال شهر أفريل  من سنة 2009 مداخيل تقدر ب 250 مليون دينار من الإشهار .
    ويعتبر عامل المشاهدة أو الاستماع العامل الأساسي الذي يقوم على توزيع الموارد الاشهارية، باعتبار أن المشاهد أو المستمع أصبح زبون يدفع تعريفة معينة عند الاشتراك أو عند المشاهدة ، حيث تحول المشاهد من المواطن الناخب إلى المشاهد المستهلك إلى المشاهد المشترك، وتحول بذلك التلفزيون من مرفق عمومي إلى منتوج ثم إلى خدمة يضمنها موزعو خدمات التلفزيون بالكابل أو بالساتل .
    الجدير بالذكر أن أسعار إنتاج الومضات الاشهارية هي أسعار موحدة، مهما كانت مدة الومضة الإشهارية، على عكس أسعار بثها ، حيث تتحكم العديد من المعايير في عملية تحديد أسعار الفضاءات الإشهارية بالتلفزيون أو الإذاعة والمتمثلة في :
    ·        القناة: تتحكم طبيعة القناة التلفزيونية  في تحديد أسعار الفضاءات الإشهارية المعروضة للبيع وهذا  بالنظر إلى حجم المشاهدين  الذين تستقطبهم ، فأسعار الإشهار المعتمدة في القناة العامة تكون  مرتفعة مقارنة بالأسعار المعتمدة في القنوات المتخصصة أو المشفرة .
    ·        اليوم من الأسبوع: تتحكم أيام الأسبوع في قيمة الفضاء الإشهاري حيث ترتفع أسعارها في نهاية الأسبوع بسبب التعرض الكبير للتلفزيون و نفس الشيء في حالة الأعياد .
    ·        التوقيت: إن توقيت بث الرسالة الإشهارية من أهم الأسس التي تتحكم في سعرها لان الثمن يتضاعف من وقت لأخر بحسب عدد المتابعين للقناة الذي يبلغ أشده في وقت الذروة ، إلا أنها تنخفض في فترات نهاية السهرة و الفترات الصباحية و المسائية  أين تقل نسبة المشاهدة.
    ·        مدة الرسالة الإشهارية: مما لا شك فيه أن سعر الومضة الإشهارية يرتفع كلما زادت مدتها باعتبار أن كل القنوات التلفزيونية في العالم تحسب هذه المدة بالثواني .
    ·        البرامج التي تصاحب بثها: تصل أسعار الومضات الإشهارية إلى مستويات باهظة في بعض القنوات التلفزيونية سيما حين تبث ضمن برنامج مشهور وواسع الانتشار بين الجمهور كما يساهم نوع البرنامج والإمكانيات التي سخرت لإنجازه في تحديد قمة الإشهار الذي يصاحب بثه .
    ث‌- موارد الاشتراكات: المدفوعة للموزعين ، جزء منها يدفع لمنتجي البرامج في تلفزيون الكابل ، اشتراك يدفع مباشرة لمنتجي البرامج في حالة القنوات المشفرة . الدفع مقابل المشاهدة.
    ج‌- عائدات بيع حقوق البث أو التغطية: ( في ليلة 16 جوان 94 أقيمت بلوس أنجلوس حفلة موسيقية حضرها 56000 متفرج و ضمت عدة شخصيات فنية وموسيقية تابعها مليار مشاهد في سبعين بلد، لو افترضنا أن حق النقل هو دولار لكل مشاهد فسيكون المبلغ المتحصل عليه هو مليار دولار عن البث المباشر ، هذه الصورة تعطينا فكرة عن دور هيئات البث في تبليغ الأعمال الفكرية إلى المشاهدين عبر العالم، مع تحقيق أرباح هائلة في بضع ساعات أو دقائق. )




    المراجع:
    1- فني عاشور: محاضرات في اقتصاد وسائل الإعلام، د ط، الجزائر، المؤسسة الوطنية للاتصال والنشر والإشهارANEP ، 2013..
    2-   فني عاشور: اقتصاد وسائل الاعلام المرئية المسموعة ،  د ط، الجزائر، المؤسسة الوطنية للاتصال والنشر والإشهار (ANEP 2013.
    3-   الشجيري سهام: اقتصاديات الاعلام، لبنان، الإمارات، دار الكتاب الجامعي، ط 1، 2014 .
    4- بلقاسم أحسن جاب الله: محاضرات اقتصاديات الإعلام، المدرسة الوطنية العليا للصحافة، الجزائر.
    5-   نصيرة تامي: محاضرات اقتصاديات الإعلام، كلية علوم الإعلام والاتصال، جامعة الجزائر 03، 2014-2015.
    6-   سمية لعجوزي: اقتصاديات التلفزيون وعائداته من الاشهار ( دراسة حالة التلفزيون الجزائري ما بين 2002-2007)، مذكرة لنيل شهادة الماجستير، كلية علوم الاعلام والاتصال، جامعة الجزائر 03، 2008-2009.
    7- نور الهدى بوزقاو : التسيير المالي للمؤسسات السمعية البصرية العمومية ( دراسة حالة المؤسسة العمومية للتلفزيون الجزائري 2000-2010 )، مذكرة لنيل شهادة الماجستير، كلية علوم الإعلام والاتصال، جامعة الجزائر 03، 2010-2011.
    8-   سفيان عكرود: تنظيم الرعاية الاشهارية وعلاقتها بالبرمجة في التلفزيون الجزائري، مذكرة لنيل شهادة الماجستير في تسيير المؤسسات الإعلامية ، كلية علوم الاعلام و الاتصال، جامعة الجزائر 03، 2011-2012.
    9- نجاة جدي، الحقوق الفكرية لهيئات البث الاذاعي وحمايتها القانونية، مذكرة لنيل شهادة الماجستير في القانون الخاص، كلية الحقوق ، جامعة الجزائر 1 ، 2006-2007 .
    10- البث الفضائي العربي: التقرير السنوي للاتحاد الاذاعات العربية، اللجنة العليا للتنسيق بين القنوات الفضائية العربية،  2012-2013 .
    11-  وزارة الاتصال و سلطة ضبط السمعي البصري تعكفان على تحضير نصوص تطبيقية لتقنين القطاع السمعي البصري ، 4/12/2015 ، الموقع الالكتروني لوزرارة الاتصال الجزائرية ، متوفر على الخط التالي : http://www.ministerecommunication.gov.dz/ar/node/1835 ، تاريخ الزيارة : 11/12/2015 ، 10:00.
    12-Nadine Toussaint Desmoulins , L'économie des médias, édition , Paris ,puf,1978.

    شارك المقال
    مدونة علوم الاعلام والاتصال
    كاتب ومحرر اخبار اعمل في موقع مدونة علوم الاعلام والاتصال .

    مقالات متعلقة

    إرسال تعليق